البلوك تشين… ثورة الشفافية في عالم التعليم
‏بقلم: ريم محمد
‏في عالمٍ يتطور بسرعة مذهلة، تبرز تكنولوجيا البلوك تشين كأحد الابتكارات التي تُعيد صياغة مفاهيم الثقة والشفافية في مختلف المجالات، ومن بينها التعليم. هذه التقنية التي وُلدت في الأساس لخدمة المعاملات المالية الرقمية، أصبحت اليوم تمتلك القدرة على إحداث تحول جذري في الطريقة التي تُدار بها المعلومات التعليمية وتُوثَّق بها الشهادات الأكاديمية.
‏البلوك تشين أو ما يُعرف بـ”سلسلة الكتل” هي قاعدة بيانات موزعة وآمنة تُسجَّل فيها المعاملات بشكل متسلسل وشفاف، بحيث لا يمكن تعديلها أو تزويرها. وعند توظيفها في التعليم، فإنها تفتح الباب أمام نظام جديد من الثقة الرقمية بين الطلاب والمؤسسات التعليمية وأصحاب العمل.
‏تخيلي مثلًا أن شهادات التخرج، وسجلات الدرجات، وحتى إنجازات الطالب الأكاديمية، يتم تخزينها في شبكة بلوك تشين لا يمكن التلاعب بها. هذا يعني نهاية التزوير الأكاديمي، وبداية عصر جديد من المصداقية والموثوقية. يستطيع أي صاحب عمل التحقق من صحة شهادة الطالب بضغطة زر، دون الحاجة إلى أوراق أو مكاتبات رسمية مطوّلة.
‏
‏ولا تتوقف الفوائد هنا، فالبلوك تشين يمكن أن يدعم أيضًا نظام التعليم المستمر، إذ يتيح إنشاء “محفظة تعليمية رقمية” للطلاب تضم كل ما ينجزونه من دورات وشهادات عبر مختلف المنصات. وبذلك يصبح لكل متعلم ملف رقمي آمن يرافقه مدى الحياة، يوثق مسيرته التعليمية من المدرسة وحتى العمل.
‏أما على صعيد المؤسسات التعليمية، فإن تطبيق البلوك تشين يُسهم في تحسين إدارة البيانات، وتقليل البيروقراطية، وتسريع الإجراءات الإدارية، إلى جانب تعزيز الشفافية بين الجهات المختلفة. كما يمكن أن يُسهم في حماية حقوق الملكية الفكرية للأبحاث والابتكارات، من خلال تسجيلها وتوثيقها عبر الشبكة.
‏ومع أن الطريق نحو تطبيق واسع النطاق لهذه التقنية ما زال في بدايته، فإن المستقبل يبدو واعدًا. فكلما تقدمت الدول في تبني التحول الرقمي، أصبح من الطبيعي أن نرى الجامعات والمدارس تعتمد على البلوك تشين كوسيلة لتأمين بياناتها وتعزيز ثقة المجتمع الأكاديمي بها
‏إن البلوك تشين لا يغيّر فقط طريقة حفظ المعلومات، بل يُعيد تعريف مفهوم التعليم نفسه؛ تعليم يقوم على الصدق، والشفافية، والاستقلالية. إنه ثورة رقمية هادئة، لكنها كفيلة ببناء منظومة تعليمية أكثر نزاهة وموثوقية للأجيال القادمة