الإنسحاب فى الوقت الغلط أكبر غلط
بقلم ابراهيم نصر
مع بداية اليوم الاول من الانتخابات البرلمانية فى دائرة امبابة بدأ بمفاجأة غير متوقعة بعدما أعلنت النائبة نشوى الديب ، نائبة امبابة لدورتين متتاليتين انسحابها أمام أنصارها فى بيان جماهيرى مثير، مبررة قرارها بغياب معايير الشفافية وتكافؤ الفرص بين المرشحين.لكن من وجهة نظرى المتواضعة والتى تحتمل الخطأ والصواب أعتقد ان قرارها كان فى توقيت غلط تماماً، لأن إعلان الانسحاب فى الساعات الاولى لأول يوم من التصويت يفتح باب واسع للجدل ويخلق بلبلة بين الناخبين ويعطى رسائل سلبية للمشهد الانتخابى كله.النائبة نشوى الديب ليست جديدة على الحياة السياسية، فقد فازت بالدورة الماضية بعد تحالفها مع حزب كبير، واستطاعت وقتها أن تحصد الاف الأصوات وتحتفظ بمقعدها البرلمانى لدورة اخرى رغم اعتراضات بعض المرشحين حينها على سير العملية الانتخابية، لكنها لم تنسحب وقتها ولم تشكك فى سير العملية الانتخابية، بل خاضت المعركة حتى نهايتها بثقة وثبات الى ان فازت.أما فى هذه الدورة، فقد قررت الترشح بدون تحالفات حزبية، معتمدة فقط على شعبيتها فى الشارع وعلى تاريخها الخدمى الكبير الذى يشهد به الكثير من اهالى الدائرة والذى امتد لأكثر من عشر سنوات، قدمت خلالها خدمات حقيقية وملموسة لأهالى امبابة. وبما ان التحالفات السياسية تتغير من وقت للاخر ، كان من الأفضل لها أن تدرس المشهد جيداً قبل خوض الانتخابات للمرة الثالثة، خصوصاً أنها كانت تعلم بحكم خبرتها أن الكفة فى بعض الدوائر تميل أحياناً بحسب التحالفات والمصالح السياسية.واذا كانت قد رأت أن الظروف غير مناسبة أو أن المناخ الانتخابى لا يضمن المنافسة العادلة، كان الأولى بها أن تعلن عدم خوضها الانتخابات من البداية، وتكتفى بما قدمته من إنجازات تشريعية وخدمية جعلتها تحظى باحترام وتقدير واسع فى دائرتها. تاريخها وحده كان كفيل أن يفتح لها أبواباً جديدة فى مجالات مختلفة، سواء سياسية أو اجتماعية، خاصة أنها صحفية وتدير مؤسسة اجتماعية ناجحة، مما يؤهلها لتولى مناصب قيادية فى المجالس القومية أو المؤسسات العامة.لكن إعلان الإنسحاب المفاجئ منفردة مع بداية التصويت، وبهذا الشكل العلنى، دون وجود أدلة موثقة تدعم اتهاماتها، وضع الدولة فى موقف حرج، خصوصاً أن بعض القنوات المعادية بدأت بالفعل فى استغلال تصريحاتها لمهاجمة مؤسسات الدولة والطعن فى نزاهة الانتخابات.السياسى المحترف يجب ان يعرف متى يتقدم ومتى ينسحب، ويدرك أن التوقيت فى السياسة أحياناً أهم من القرار نفسه. فليس كل انسحاب يعتبر هزيمة، لكن عندما يأتى الانسحاب فى الوقت الغلط، يتحول من موقف شجاع إلى خطأ استراتيجى كبير.وفى حالة النائبة نشوى الديب، الانسحاب كان قرار شجاع فعلا لكنه للاسف كان فى الوقت الغلط لذلك اعتبره أكبر غلط.



